17.4.12

أزمة مقطع لحجار في عيون الأدباء

الأستاذ: سيد مجمد ولد ابيطات اليوم أثناء زيارة الرئيس
إذا كان الماء هو أصل الحياة وسر ديمومتها بالنسبة لجميع الناس، فإنه عند الأدباء لا يقف عند هذا الحد، بل يتجاوزه إلى أبعاد أخرى تتفتح لها مواهب الشعراء، وتتيح لهم مجالات من التصوير الفني تضفي على أدبهم رونقا جماليا تدب به الحياة في الشعر، كما تدب الحياة في ذوات الروح بالماء.
الماء عند الأديب هو أصل الصفاء في الوجود، ومنه ينبعث صفاء النفوس:
أنا كالماء إن رضيت صفاء ... وإذا ما سخطت كنت لهيبا
وللمبالغة في صفاء الماء شبهوه بالفضة المتلألئة:
والماء حولك فضة رقراقة ... والشمس فوقك عسجد يتضرم
وللماء إذا برد مكانة خاصة عند الشعراء، تحضرهم عند حالات الرضا والسعادة واللذات:
غيّ التصابي رشاد والعذاب به ... عذب لديّ كبرد الماء للصادي
كان أبو العتاهية في جماعة من الشعراء عند بعض الملوك، إذ شرب رجل منهم ماء،  ثم قال: برد الماء وطاب، فقال أبو العتاهية: اجعله شعرا، ثم قال: من يجيز هذا البيت؟ فأطرق القوم مفكرين، فقال أبو العتاهية: سبحان الله وما هذا الإطراق؟ ثم قال:
برد الماء وطابا ... حبذا الماء شرابا
أما إذا اختلط الصفاء مع البرد، فإن الإحساس يكون أحلى وأعظم:
إذا وضح الصواب فلا تدعه ... فإنك كلمكا ذقت الصوابا
وجدت له على اللهوات بردا ... كبرد الماء حين صفا وطابا
ويمثل الماء مع الشجر جنة الدنيا للأدباء وسائر الناس، تسرح فيها النفوس وتمرح:
ثلاثة تجلو عن القلب الحزن ... الماء والخضرة والوجه الحسن
وقد وصل حد التمتع بهذه الجنة لدى بعض الأدباء أن ألهته عن الحبيبة، فها هو حسين بن شهاب الدين الشامي يقول:
إن تهجريني فإني عنك في شغل ... من لذة العيش حيث الماء والشجر
ولأن الماء عنصر ذو خصائص متعددة، فقد أبدع الشعراء في التصوير المرتكز على هذا العنصر، ومن ذلك تشبيههم من خاب سعيه بالقابض على الماء:
فأصبحت مما كان بيني وبينها ... سوى ذكرها كالقابض الماء باليد
وقالوا في الأمر لا قيمة له: يشبه مضغ الماء ليس له طعم ولا معنى، وجعلوا لعق الماء أشد من ذلك، فوصفوا صاحبه بالأحمق، فقالوا: أحمق يمطخ الماء، أي يلعقه.
وللأدباء ماء خاص بهم يجري بينهم وبين حبائبهم، يقول تويت اليمامي:
افعلي بي يا ربة الخدر خيرا ... ومن الماء شربة فاسقيني
قالت: الماء في الركى كثير ... قلت: ماء الركي لا يرويني
طرحت دوني الستور وقالت: ... كل يوم بعلة تأتيني
هذا الماء هو ماء الصبابة الذي ينبع من الشوق، قال بشار:
ماء الصبابة نار الشوق تحدره ... فهل سمعتم بماء فاض من نار؟

الأدباء ينحازون إلى المقطع العطشان:
المقطع اليوم ينادي بلسان حاله قائلا:
يا حسرة الماء قد سدت موارده ... أما إليك طريق غير مسدود
ولم يناد المقطع هذا النداء، وقد صفا له ما تيسر من الماء، إلا بعد أن وعى قول الشاعر:
ألم تر أن الماء يخبث طعمه ... ولو كان لون الماء في العين صافيا
وإذا كان الشاعر قديما قال:
إلى الماء يسعى من يغص بريقه ... فقل أين يسعى من يغص بماء
فإن أهل المقطع اليوم لم يغصوا لا بالماء ولا بالريق، بل غصوا بالعطش الذي شبت ناره في الحناجر والبطون لشح المياه وندرتها.
وإننا على عتبة زيارة الرئيس نعلن بأننا أعجل إلى الماء من نعجة إلى حوض، ولئن  كنا في الماضي لسنا بأول من غره السراب، فإننا اليوم ننشد قول الشاعر:
الماء في دار (عثمان) له ثمن ... و(الخبز) أيضا له شأن من الشان
عثمان يعلم أن الحمد ذو ثمن ... لكنه يشتهي حمدا بمجان
والناس أكيس من أن يمدحوا رجلا ... ما لم يروا عنده آثار إحسان

مكطع لحجار...كوليس زيارة الرئيس



"مقطع لحجار"قمع عنيف وتظاهرات تحمل حاويات الماء الخاوية تستقبل الرئيس

جانب من المظاهرات التى استقبل الرئيس بها عند مدخل المدينة (الأخبار)
جانب من المظاهرات التى استقبل الرئيس بها عند مدخل المدينة (الأخبار)
الأخبار (مكطع لحجار) - قمعت قوات الشرطة والدرك تجمعا جماهيرا مطالبا بالمياه فى مدينة مكطع لحجار بالتزامن مع وصول الرئيس الموريتانى محمد ولد عبد العزيز إلى المدينة.

وقال مندوب الأخبار إن العشرات من نشطاء المعارضة السياسية نظموا وقفة داخل المهرجان الذى نظمته أحزاب الأغلبية وبعض المبادرة المستقلة ، كما رفعوا شعارات ولافتات تتطالب بتوفير المياه لساكنة المقاطعة وأخري تنتقد الوعود الكاذبة كما يقولون.
الشرطة مزقت أغلب اللافتات واعتقلت عددا من المشاركين فى التظاهرة (الأخبار)
الشرطة مزقت أغلب اللافتات واعتقلت عددا من المشاركين فى التظاهرة (الأخبار)
ورغم الحملة الأمنية التى شنتها أجهزة الأمن فى صفوف نشطاء المعارضة والتى طالت أكثر من ثلاثين معتقلا بينهم قيادات فى حزب تواصل ذو الميولة الإسلامية ، إلا أن النشطاء اخترقوا الصفوف وتجمهروا داخل المهرجان الإستقبالى وهم يرفعون الأعلام الوطنية ويرددون بعض الشعارات التمويهية قبل أن يصل الرئيس للسكان.

وفور دخول سيارات الوفد الرئاسى وسط الجماهير المحتشدة لإستقباله ، رفعت لافتات عريضة تطالب بالماء وتنتقد الوعود الكاذبة ، كما ردد عشرات الشبان والفتيات شعارات مناوئة للرئيس وأخري تتهمه بالكذب وسقى العطاش بالوعود فقط.
أنصار ولد عبد العزيز استمتعوا بالأغانى الشعبية رغم حرارة الجو والإضطرابات (الأخبار)
أنصار ولد عبد العزيز استمتعوا بالأغانى الشعبية رغم حرارة الجو والإضطرابات (الأخبار)
قوات الشرطة وبعض نشطاء الحزب الحاكم حاولوا احتواء الموقف لكن كثافة المتظاهرين واصراهم على ابلاغ المطالب حولت المشهد بالكامل الي ساحة حرب، وقد استعملت الشرطة السيارات لقمع المتظاهرين والهروات والإطارات ، بينما رفع الشبان لافتات مكثفة وشعارات عديدة وقنينات مياه فارغة للتعبير عن الحاجة للماء.

وقد استطاع المتظاهرون فرض أمر واقع على الأجهزة الأمنية مع اقتراب سيارات الرئيس واحاطوا به وهم يهتفون "نريد الماء نريد الماء" ، كما رفعت اللافتات أمام سيارة الرئيس وبجواره طيلة مسار الرحلة رغم الإستماتة التى أبداها رجال الشرطة لإحتواء الموقف.

وعند مقر المقاطعة احتشد عدد من أبناء المدينة وهم يهتفون مطالبين بتوفير المياه وإطلاق سراح المعتقلين ومحاسبة الفاسدين وإعادة الإنتباه للمشروع المتعثر.
وقد ألقى ولد عبد العزيز خطابا مقتضبا من فوق سياراته تعهد فيه بمتابعة الملف بشكل دقيق وتوفير المياه للسكان خلال أربعة أشهر.

مدينة تستحق أكثر:


بقلم الأستاذ : سيد محمد والد ابيطات
من قطعة شعرية جاشت بها القريحة مرة، حينما تذكرت أيام الصبا واللعب بين أحضان مدينة مقطع لحجار، وهي تضمني بين يديها، أجد في حضنها الدافئ حنان الأم ورعاية الأب وحماس الإخوة، ومن تللك القطعة:
قد سرت أبحث في الأرجاء عن ذاتي .... وأنفد البحث طاقاتي وأوقاتي
فلم أجد غير ظل لا يلائمني .... فازددت بالعجز تيها في المتاهات
لكنني عندما فتشت ذاكرتي .... ألفيت في معجم التعليم معناتي
ألفيت في مقطع الأحجار محظرتي .... ألفيت مدرستي ألفيت جناتي
من هاهنا انطلقت صيحاتي معرفتي .... وهاهنا ارتسمت أشكال لوحاتي

...وتتضامن الأطعمة

بقلم الأستاذ سيد محمد ولد ابيطات
على تل من تلال مقطع لحجار الذهبية اللون، ضم مجلس ثلاثة أصناف من الأطعمة هي: الأرز والخبز والقمح، وكان الأرز أكبر الثلاثة سنا، فابتدأ بالكلام، وقال مفتخرا: لقد وصل بي حد الشهرة إلى أن صرت مضرب الأمثال، فصار الناس يقولون: (أشيع من مار)، فقاطعة القمح قائلا: مهلا يا أرز، أنا من تلهج به الألسنة اليوم ويتقاتل الناس على أبواب الحكام ليظفروا بشيء يسير مني، أنا الذي يتمنى الحصول علي الإ...نسان والحيوان هذا الأوان...، فقال الخبز: لا لا يا زملاء...، أنسيتم أني طعام الفقراء، وحبيب الأصبياء، وعما قريب سيبكي لأجلي كبار الرجال والنساء.....
في تلك الأثناء طلع عليهم زميلهم (باس)، فتنحنح وحياهم قائلا:
ـ السلام عليكم.
ـ وعليكم السلام، أيها الأخ الذي لا يستغني عن التنحنح، يا (باس) لقد كان كل منا يذكر مفاخره، وسنجعلك حكما بيننا، فاحكم بما أراك الله...
... (باس) يبكي....، فيتفاجأ الجميع، وتبدو على وجوههم الدهشة والاستغراب !!
ـ الخبز: هل ماتت بائعاتك يا باس، ما الذي دهاك؟
ـ باس: لا، بل الأمر أدهى من ذلك وأمر!! إني أعتب عليكم أيها الأصحاب، هل هذا وقت التفاخر وذكر المآثر، ونحن نفقد حبيبا لنا جميعا، وصاحبا لا نستغني عنه أبدا، هو المـــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــاء...
ـ القمح: صحيح، صحيح، لقد أصبت في التذكير والتنبيه.
ـ باس: أنا أعلم أني أكثر المتضررين لفقد الماء، ولكنني لست الوحيد.
ـ الأرز: لقد حدثني الماء منذ سنوات أن (القوم) حين جاءوه في التسعينيات، وهو في أعماق بحيرة، شمال شرق مدينة مقطع لحجار، قال لهم: إنه مصاب ب (لكواتر)، لكنهم أصروا على استخراجه قهرا، فلما بدا له أن القوم ماضون في تمريض الساكنة قرر أن يغور، تعاطفا مع الساكنة، ولم يبق لهم إلا قدر ما تقوم بها ضروريات الحياة، ريثما يصل إليهم قادما من الغرب.
ـ باس: لكنه تأخر كثيرا، يبدو الأمر غريبا بالنسبة لي.
ـ الخبز: سمعنا سنة 2010 أنه سيأتي بعد عام، وذلك ما لم يحصل !!
ـ الأرز: دعونا نتصل به ليوضح لنا حقيقة خبره.......، آلو آلو أيها الماء أين أنت؟
ـ الماء: لفد كنت قادما إليكم من الغرب، ولما وصلت (بوحشيشه) شمال مدينة ألاك حبسني القوم هنا، ووضعوا في طريقي حفرا كبيرا منعني الوصول إليكم، لكنني لن أتخلى عن الأهل ما استطعت إلى ذلك سبيلا...
هنا دخلت الأطعمة كلها في بكاء شديد وحزين على ما وقع، لاسيما وأن الصيف على عتبات الأبواب...مشاهدة المزيد